اللامبالاة عند المراهقين يعيب الكبار على المراهقين عدم الإحساس بالمسؤولية وعدم تقدير قيمة الوقت والمال وتجاهل مشاعر الآخرين حتى في وقت الأزمات. لا تتعجب عند غياب المراهق عن مشاركتك أزماتك أو سوء تقديره لمتاعبك وأعباءك ولا تتسرع بتصنيف ذلك على أنه من أنواع اللامبالاة وفقدان الشعور بالجدية. يتصرف المراهق وكأنه لا يزال طفلا ويحتاج إلى شهور، بل وسنوات، حتى يقدر المسؤولية ويعي قيمة التفاني والبذل من أجل الآخرين.
عندما لا يأبه المراهق بمشاعر الوالدين أو الأشقاء فهذا لأنه لايزال يعيش في عالمه الطفولي الحالم البعيد عن المسؤوليات بما يتطلبه من استغناء عن الراحة الشخصية في سبيل إسعاد الغير. يتمسك المراهق أحيانا بحياة الطفولة وقد يعاند لمطالبته بالتخلي عن عاداتها من أجل الدخول إلى مرحلة النضج، وقد يجد في ذلك عبئا كبيرا أول الأمر على الأقل، لكن باللين والرفق يتحول المراهق العنيد إلى رجل ناضج يتحمل مسؤولية نفسه وقد يبادر من أجل المشاركة في تخفيف أعباء المحيطين دون غضاضة.
تشير أبحاث علم النفس المعنية بسلوكيات المراهقين إلى أن المراهق قد لا يحسن استغلال قدراته الذهنية الخاصة بالتفكير العميق والنقدي، مما يدفعهم للاندفاع والتهور في بعض الأحيان. ويؤكد متخصص في علم نفس المراهقين أن طرق التفكير تختلف على حسب مراحل الشخص العمرية، ويزداد الفرد تركيزا واعتمادا على قدراته الذهنية كلما كبر في العمر وزادت خبراته في الحياة. رغم أن الفرد يستخدم المهارات والقدرات نفسها عند التفكير في أي مشكلة تعترضه، تختلف طرق التعامل مع المشكلة وفقا لنشاطات المخ.
تبين من دراسة حديثة حول الفصل بين طرق المراهقين والكبار في التعامل مع المشكلات أن أنشطة المخ لدى كل من الفريقين تختلف وإن اتفق الطرفان في طريقة التفكير. يعتمد المراهقون في التفكير على الجزء الخلفي من المخ، وهي المنطقة الخاصة بالتنبؤ بالمستقبل، بينما يعتمد الكبار على الجزء الأمامي. أظهرت الدراسة أن الكبار أسرع في التفكير وأقدر على تصور عواقب أفعالهم وتأثيراتها على أنفسهم والمحيطين، الأمر الذي لم يظهره المراهقون. لا يأبه المراهق إلا بنفسه ولا يفكر في انعكاس سلوكياته على المحيطين، بينما يبرز الكبير الراشد تأثيرات أفعاله على الأسرة والمعارف ورد فعلهم تجاه ذلك ورأيهم في تصرفاته.
يعي الأطفال مشاعر الآخرين عند سن الخامسة، وكلما كبروا في العمر ازدادوا خبرة في تقدير مشاعر المحيطين، لكن أنانية المراهق تمنعه من إيلاء الأمر القدر المطلوب من الاهتمام. رغم أن نمو الإحساس بمشاعر الآخرين يرجع إلى نمو تكوين المخ، تلعب الخبرات المكتسبة من التعامل مع الغير دورا أهم. ولا شك في أن التغيرات الهرمونية التي يمر بها المراهق في فترات حياته المختلفة لها شأن كبير في هذا الصدد.
تتنوع صور اللامبالاة وفقدان الشعور بالمسؤولية لدى المراهقين، فمنهم من لا يأبه ببدء العام الدراسي ليدخل الأبوان في صراع لإقناعه بضرورة الاهتمام بالمواظبة على حضور المحاضرات والانتظام في المذاكرة. يصاب المراهق أحيانا ببغض شديد للمذاكرة ويجد في أداء الواجبات الدراسية ثقلا كبيرا وقد يفضل حينها ترك المدرسة للشروع في أي عمل، دون مبالاة بالدراسة وبعواقب تركها.
وهناك صورة أخرى من اللامبالاة عند المراهق، وهي دخوله في حالة من التجاهل التام لحالته الصحية والجسمانية بالانخراط في التدخين وتناول الكحوليات دون وعي بمخاطر تلك العادات الضارة. ولو حاولنا الكشف عن أسباب هذا الشعور فلن نجد سوى حداثة السن وانعدام الخبرة في الحياة، ولا شك في أن دور الأسرة هنا هو الأهم على الإطلاق لإدخال المراهق في مرحلة الجدية بسلام دون المخاطرة بتعريضه لتجارب حياتية قاسية تنال من براءته قبل الأوان.