هل للنوم علاقة بالسمنة تحت سن العشرين؟ من المعروف أن المراهقين يعشقون التمرد على القواعد السائدة ويبالغون دائما في تصرفاتهم، والنوم ليس استثناء لهذه القاعدة، فهم يستيقظون في الغالب طوال الليل لمشاهدة التليفزيون وممارسة ألعاب الفيديو أو تصفح الإنترنت بينما ينام الآخرون، وبالعكس ينامون مع ساعات الفجر الأولى بينما يستعد الكبار للاستيقاظ ومزاولة مهامهم وأنشطتهم اليومية. وتتجسد هذه الممارسات خاصة في الإجازة الصيفية.
وبالتالي فإن اضطرابات النوم من الأمور الشائعة بين المراهقين، فهم لا يلتزمون بمواعيد نوم واضحة، وبالتالي يؤدي بهم ذلك إلى الحصول على ساعات قليلة من النوم، ثم الشعور بالكسل والخمول باقي اليوم.
وكان من الشائع الربط بين أسلوب الحياة المضطرب هذا بالنسبة للنوم وبين انتشار السمنة بين المراهقين ما بين سن 15-20 عاما.
لكن على عكس ما يراه الناس والذي توصلت له العديد من الدراسات العالمية في السابق من ارتباط حصول المراهقين على ساعات قليلة من النوم بإصابتهم بالسمنة، خرجت دراسة أخرى أحدث بنتيجة مناقضة تماما.
وكان الأطباء في السابق مقتنعون بأن عدم الحصول على قدر كاف من النوم يوميا هو ما يؤدي بالمراهقين إلى زيادة الوزن والإصابة بالسمنة، وبالتالي كانت النصيحة الأساسية التي يوجهونها لهم إلى جانب الالتزام بنظام غذائي متوازن هي الاستغراق في النوم لساعات أطول خلال الليل لهزيمة السمنة وفقد الوزن.
لكن باحثون أستراليون توصلوا إلى عدم وجود علاقة بين المدة التي ينامها الإنسان وإصابته بالسمنة.
شملت الدراسة فحص عادات النوم لدى 133 من المراهقين الذين يعانون من زيادة في الوزن والذين تتراوح أعمارهم بين 10-16 سنة، وذلك من خلال إحدى العيادات المتخصصة في تقديم برامج لمتابعة وخفض الوزن.
تم رصد عادات النوم لدى المتطوعين لمدة أسبوع كامل بمساعدة الوالدين وأيضا عبر جهاز صغير بحجم ساعة المعصم تم تثبيته على أيديهم.
وخلال الأسبوع كان يتم قياس وزن كل مشارك مع إخضاعه لفحص لبيان مدى تعرضه للإصابة بمتلازمة الأيض أو زيادة الوزن خلال النوم أو ارتفاع ضغط الدم الذي يؤدي استمراره للإصابة بالأمراض القلبية.
وقد وجد الباحثون أن معظم المشاركين في الدراسة من المراهقين يحصلون على قسط غير وافر من النوم ويقل في متوسطه كثيرا عن عدد الساعات الموصى به من قبل الخبراء في هذه السن، وهو تسع ساعات يوميا.
في الوقت نفسه وجد أن أكثر من نصف المشاركين يعانون من اضطرابات أثناء النوم مثل عدم انتظام التنفس، بينما ربعهم يعاني من متلازمة الأيض.
وبعد الفحص الدقيق وجد الباحثون أنه لا توجد أية علاقة بين الحصول على ساعات قليلة من النوم وزيادة الوزن.
وبالتالي فإن العكس أيضا صحيح، أي أن زيادة ساعات النوم اليومية بالنسبة للبدناء من المراهقين لن تساعدهم في فقد بعضا من وزنهم.
وقال رئيس الفريق الطبي المشرف على الدراسة: "لم نجد أي علاقة تربط بين الحصول على ساعات غير كافية من النوم وزيادة وزن المراهق بشكل مرضي".
وتتعارض هذه النتيجة بشكل كبير مع نتائج الدراسات والأبحاث السابقة التي أكدت وجود ارتباط وثيق بين مدة النوم التي يحصل عليها المراهقون يوميا وإصابتهم بالسمنة.
وقد اختتم رئيس فريق الباحثين حديثه بقوله أن الحصول على قسط وافر من النوم له العديد من الفوائد الصحية بالنسبة للإنسان في سن المراهقة، لكن هذه الفوائد ليس من بينها حمايته من خطر السمنة أو مساعدته على فقد الوزن إذا كان مصابا بالسمنة فعليا.
ثم وجه رسالة للأطباء بتوخي الحذر ومراجعة معلوماتهم الطبية قبل توجيه النصيحة للمراهق المصاب بالسمنة بالحصول على قدر أكبر من النوم حتى يفقد وزنه، لأن هذه النصيحة لن تساعده بأي حال من الأحوال على أرض الواقع، وبالتالي قد يفقد الطبيب مصداقيته في عين مريضه.