من أحال صبحك ليلا يابغداد .... من خنق زقزقات عصافير جناتك الوارفات بالظلال والحب وضحكات الأطفال ..... من عمد صباحاتك بالدم والدموع ورائحة البارود وأعار
أبناءك سرابيل الجراح ..... من سل سيف أحقاده من غمده ليعلن موت صباحاتك المشرقة بالنور
من ومن ومن ..... يراودنا ألف سؤال عابر وتصطخب في صدورنا الأنات الموجعة المدافة بتراتيل دموع أمهاتنا الثكالى ..... الأشجان تتكدس في قلوبنا المذبوحة على مشانق الفجائع المرّة و القذائف تحتفل بضجيجها
المقيت فوق دورك المسكونة بالنقاء والأمل والطيبة البغدادية والطيور البيضاء تطير مفزعة الخطى في سمائك الحزينة ....
إنه زمن من مرارات .... زمن الخيانات ..... زمن الراقدين على الرماد ..... زمن النائمين بصمت وهم يخفون أحقادهم ..... سيوفهم المسمومة تحت ثيابهم
الملطخة بالدم والأحقاد...... إيه بغداد ..... هاهي رياح الحقد تهب مسرعة لتنثر فوق شوارعك رماد ضحاياك .....
الطرقات تزدحم بالجثث المتفحمة ...... والصدى يهرول خلف أشرعة من غياب مرير والكلمات تفر من يراعي المسكون بالحزن والأسى ومرارة الفراق ....والصرخات تتكدس في صدري المليء بالحشرجات
إيه بغداد الجريحة ..... ها هم الظلاميون تارة أخرى ..... إنهم يزحفون كالسل الى الصدور ..... كالوباء..... كالطاعون ..... وهم يرتدون جبب البلاهة والجهل ويحملون في رؤوسهم أهواءهم السقيمة ..... مكامنهم جحور باردة كالصقيع ...... دورهم تلال من جماجم مكدسة ...... أحلامهم كوابيس مرعبة
....... أمنياتهم ضحايا وآلام وفواجع لا انتهاء لها ..... إنهم مقرفون حدّ اللعنة حد النزف ..... أنفاسهم مياه آسنة..... وآمالهم موت زؤام .....أما تواريخهم
فطبول للحرب وخيانات وسعار لا ينتهي لشهوة القتل والتدمير ....
إيه بغداد.... تبدين شاحبة الوجه..... إنه يوم آخر دام ..... يرسم تفاصيله الإرهابيون ...... يرسمونه أحمر كالدم ...... أسود كقطع من ليل قلوبهم الداكنة
السواد ......
إنه يوم دام .... يدبّ في حناياك سيل الجمر ....وأنا أتسمع للحن جنائزي النغمات
والصدى ..... موطني موطني ..... الجمال والجلال في رباك ..... ووو
الناس تركض ...... الفرات يركض ..... يقبض بكفيه على دمك النازف
والصدى ....... حزين كأدمع السياب ....... ركض الفرات ..... ركض
دجلة ..... قامتك الفارغة ملئت بالندوب والجراح ...... الصدى يذوب حتى
التلاشي ...... والوطن يدخل في عتمة طويلة .... وأنت تبدين غائمة العيون
في حين أبحث في الطرقات عن أزمنتي الضائعة بين الأسى والضباب ولوعة
الضياع .
بقلم ___________
زينة صبيح الشمري