بسم الله الرحمنِ الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
حوادث
السير؟؟؟ : كم أزهقت من أرواح، وأيمت من النساء، وأيتمت من أطفال، وأدخلت
اللوعة والحسرة على أسر بفقد العائل المربي ، أو الأم الرؤوم الحانية
..
يحدث ذلك بتهور سائق، فعله هو أقرب إلى الجنون منه الى العقل، تجاوز في غير
محله، وسرعة مفرطة تسابق الريح، ومخالفة لأهل الخبرة ممن أمر الله بطاعتهم
( فاسأل به خبيرا ) ( ولا ينبئك مثل خبير ) ، وأقصد به قانون المرور،
حيث يعتقد الكثير من الناس أن مخالفته لا شيء فيها .. ولو دروا لعلموا أن
مخالفته مخالفة للشرع الحنيف.. وكم يحز في النفس عندما يأتي أحدهم وقد أزهق
نفسا أو أنفسا، وأتلف مالا ..وفعل ما فعل ..ثم يدعي أنه قتل قتلا خطأ
ويأتي بدريهمات يدفعها دية لأولياء المقتول.. ويسير بين الناس محفوظ
الكرامة، مصون الجانب .. وإنما هو مجرم قاتل، وكذاب أشر، بدعوى أنه قتل
قتلا خطأ .. وإلا فما معنى أن يتجاوز السائق في منعرج تنعدم الرؤيا فيه
تماما ؟ وما معنى أن يسوق وهو سكران ؟ .. وما معنى أن يسير بسرعة ينعدم
الأمن فيها تماما ؟ .. إنه القتل مع سبق الإصرار والترصد ؟ .. ولن يغني عن
مثل هذا السائق القاتل والمحترف دية مدفوعة ولا صيام شهرين متتابعين ..؛
لأن المخالفة هنا لا تندرج حتما في أحكام القتل الخطأ ..
أصبح المسافر
اليوم كالمحارب في الفتن الموَّارة ، الخارج فيها مفقود ، والعائد مولود،
إذا رجع إلى بيته سالما حَمِد الله على نجاته، واستبشرت أسرته بعودته خيرا
..
المركوب نعمة امتن الله بها على عباده يحمل الأثقال، ويختصر
المسافات، وليكون أيضا زينة وترفها لصاحبه إذا أراد، تحديثا بنعمة الله
عليه قال سبحانه : (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا
تعلمون) ..
وَعَدَّ النبي صلى الله عليه وسلم المركب الفاره إحدى النعم
الكبرى المقرونة بالزوجة الصالحة والبيت الواسع.. وذلكم هو ديننا يضع كل
شيء في مكانه، ويدعو إلى استعماله على أحسن وجوهه ..
وقد كان النبي صلى
الله عليه وسلم مرشدا لنا في استعمال ما يركب الناس ..سواء إرشادا خاصا
فيما تعلق بالمركب أو من خلال التوجيه العام المتعلق بمناحي الحياة .. وكان
من أعظم هذه الإرشادات المتعلقة بالموضوع ضرورة الأناة والرفق والابتعاد
عن السرعة .. فجعل الأناة من الأخلاق التي يحبها الله فقال لأشج عبد القيس:
(( إن فيك خصلتين يُحبهما الله: الحلمُ والأناةُ) .. وكلا الخلقان يحتاج
إليهما السائق لتجنب الحوادث القاتلة : الحلم : فلا يطيش عقله لاستفزاز
سفيه، والأناة: التي تحمله على التروي والصبر وعدم العجلة، ولما سمع عليه
السلام يوم عرفة وراءه زجرا شديدا وضربا وصوتا للإبل لتسرع أشار بسوطه
إليهم وقال : ( أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع ) ..
والإيضاع : السرعة .
ويعتقد بعض الشباب بالخصوص أن الخبرة في السياقة
تعني السرعة المفرطة ويتفاخرون بينهم بذلك، وإنما هي في واقع الأمر رعونة
تعني ضعف العقل وسفه النفس ...
فاحذر .. يا من تخشى الله أن تلقى ربك
وفي عنك دم رجل أو امرأة، أو شيخ كبير، أو طفل صغير يعج إلى ربه يقول : يا
رب سل هذا فيم قتلني؟
حفظني الله وإياكم من كل مكروه .. وعصم أيدينا من دماء المسلمين وأموالهم ..